Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog

الغرب الجزائري احتضن ثورة التحرر قبل نوفمبر 1954

الولاية الخامسة التاريخية أكبر مناطق العبور احتضنت الثّورة الجزائرية قبل  ميلادها بقلم براهمية مسعودة /الشعب...

----

أكّد المجاهد جليل الواسيني على أهمية إعلاء شأن الولاية الخامسة وتعزيز مكانتها على خريطة الثورة الجزائرية، معتبرا أنها «أكبر وأقوى الولايات التاريخية من حيث استحواذها على ثلث التراب الجزائري، وكان يتواجد بها 6 قواعد فرنسية رئيسية و750 ألف جندي فرنسي»، حسبما نقله محدّثنا عن ضباط تلك المرحلة، وعلى رأسهم الرائد قايد أحمد المدعو «سي سليمان».
وقد كانت الولاية الخامسة بالجهة الغربية من أكبر مناطق العبور ومراكز التموين الرئيسية، احتضنت الثورة الجزائرية قبل ميلادها وواصلت دعمها حتى بعد تعرضها لضغط مكثّف من قبل العدو، بفضل إرادة نسائها وحنكة رجالها، من أكفأ وخيرة المجاهدين المكلفين بقيادة الثورة الجزائرية وعلى رأسهم الشهيد محمد خيضر والزعيم الراحل هواري بومدين والراحل أحمد بن بلة، أول رئيس للجزائر بعد المستقلة وغيرهم ممّن أعدوا العدة تجهيزا وتدريبا لانطلاق الثورة المباركة»
كما أشاد الواسيني بالدعم والمساندة التي كانت الثورة تلقاها من الشعب المغربي المساند للقضية الجزائرية، داعيا في الوقت نفسه إلى تعزيز مكانة «المنطقة الخلفية» بالمغرب وإبراز دورها في دعم الثورة الجزائرية، ولاسيما بتطوان وطنجة ومكناس وفاس والخميسات، وغيرها من المناطق والمراكز الجزائرية الخاصة بالتدريب وصنع الأسلحة، ناهيك عن مراكز العلاج وتموين الثورة من أغذية وألبسة وأدوية وذخيرة حربية وكل ما يحتاجه المجاهدون.
..الشعب احتضن الثّورة حتى النصر
أرجع الواسيني الفضل الأول إلى الشعب الجزائري الذي احتضن الثورة إلى الآخر، ولم يبخل على جيش التحرير الوطني بمساعداته المعنوية والمادية، انطلاقا من جمع الأموال والعمل الجاد على توفير السلاح والمخابئ بسريّة تامة، باعتبارها عنصرا أساسيا في نجاح الثورة، لاسيما بالمناطق الريفية والجبلية بعيدا عن أنظار العدو وتحركاته.
وقد مرّ الكفاح المسلّح حسبه دائما بعدة مراحل، ابتداء من جمع الاشتراكات وإنشاء المراكز المخفية والسرية وتخصيص فرق مكلّفة بالاتصالات بين المناطق مرورا بجمع الأسلحة والمساعدات من عند الشعب، يضيف محدّثنا أنّه كان يخزّن 25 سلاحا، تحصّلوا عليه من الحرب العالمية الأولى والثانية مثل «الستاتي»، والتي اشتراها المواطنون أو جندوا بها أو تحصلوا عليها كغنائم سواء في المعارك أو الكمائن أو المواجهات الطويلة وتبرعوا بها للجيش.
وكشف أنّ السلاح الذي ظهر أولا ألماني وإيطالي وبأقل نسبة من أمريكا، وتوالت هذه العمليات تبعا إلى غاية بلوغ 13 نوعا من المتفجّرات على غرار التيانتي والبلاستيك والبارود القطني والبارود الأسود، وغيرها من الأنواع الأخرى، إضافة إلى حوالي 11 نوع من الأسلحة الأمريكية و11 نوع من الأسلحة الفرنسية و8 أنواع من الأسلحة الألمانية وزهاء 3 أنواع من الأسلحة الإسبانية، ناهيك عن الأسلحة الرومانية والكوبية والتشيكوسلوفاكية والأسلحة النارية والإيطالية «بيريتا».
وقد كانت الأسلحة التي يمتلكها جيش التحرير عند اندلاع الثورة تقليدية تتمثل أساسا في بنادق الصيد والسلاح الأبيض والمسدسات على غرار قذائف الهاون عيار 60 ملم و45 ملم، وبعض أنواع البارود الشديد الانفجار الذي يتم تعبئته بأنابيب طوله 3 متر لتفجيره الأسلاك الشائكة، يضيف نفس المصدر، مشيرا في نفس الوقت إلى مصنع الذخيرة والأسلحة البيضاء والأسلحة النارية المتطوّر الذي أقامه جيش التحرير الوطني في مدينة الدار البيضاء بالمغرب، وكان يشرف عليه فنيون أمريكيون وألمان وفرنسيون.
ولم يكن جليل الواسيني يعلم يوما أنّه سيكون رمزا للشباب الجزائري المناضل من أجل استقلال بلاده، وبرز نشاطه مع السنوات الأولى من اندلاع الثورة بانخراطه في إدخال كل ما تحتاجه الثورة والجيش من المغرب الأقصى، كما كان لها دورا كبيرا في صفوف جيش التحرير من خلال نقل الأسلحة إلى الولاية الثالثة والرابعة والخامسة، وبعد وضع الأسلاك الشائكة لعزل الثورة الجزائرية شارك في عمليات تدميرها بالحدود المغربية، مشيرا إلى خطورة الألغام التي وضعتها فرنسا بهذه الجهة، وأغلبها فرنسية وألمانية وإنجليزية وأمريكية.
وكشف في هذا الإطار عن مشاركته في هذه العملية رفقة بوصوف ولخضر بن طوبال وكريم بلقاسم بالحكومة المؤقتة، لافتا في الوقت نفسه إلى علاقته المتينة مع هيئة الأركان العامة لجيش التحرير وعلى رأسها العقيد هواري بومدين وقايد احمد وعلي كافي.
وهنا أشار إلى أهم المحطّات الرئيسية في حياته، وهو في سن ال 10 تقريبا يردد كلمات أغنية بالدرجة: "ما دارت فينا فرنسا في قالمة وخراطة وسطيف...يمّا لحنينة ما تبكيش على ولدك العزيز راه مات على الحرية..."
قال: تعرّضت للكثير من المضايقات بسبب هذه الكلمات رغم أنّني لم أكن أعلم أنّها أغنية وطنية ولا حتى معنى الثورة إلى أن شاركت في البداية لجلب ونقل المؤن، انطلاقا من المغرب الأقصى، ثم كلّفت بنقلها إلى الولاية الرابعة والخامسة والثالثة، وتعرّفت حينها على العديد من قادة الثورة وزعمائها، من أمثال بشير بومعزة والبشير الأخضر الإبراهيمي ومبارك الميلي والعربي التبسي وحسين لحول ودماغ العتروس، وغيرهم من الأسماء التي كانت تردّد على مسامعي خلال قيامي بمهمّتي.
وهو يروي قصّته أشار إلى المجاهد المدعو مقدم الطيب ضراريس من سكان قرية العجايجة بلدية جبالة التابعة لدائرة ندرومة شمال ولاية تلمسان، والذي كان في ذلك الوقت مسؤولا، مردفا بالقول: هذا الأخير اقترح عليّ أن أعمل معهم في إطار نقل السلع من المغرب، كوني كنت وحيد أبي وبيتنا معزولا بالبادية وبه مطامير سريّة بقرية الشبيكة بمغنية بالحدود المغربية الجزائرية.
أضاف: وافقت مباشرة دون أن أدرك أنّني سأكون يوما أحد الفاعلين المعنيين في نظام تموين الثورة التحريرية ومراكز المؤونة، وأذكر أنّ أول مهمّة كلفني بها محمد الطيب الذي توفي في عام 1959 رفقة 3 من أصحابه كانت في شهر سبتمبر أو أكتوبر من سنة 1954 حيث لم يكن يتجاوز سني 17 سنة، هي التنقل إلى وجدة لإدخال كيسين من الشعير بوزن 50 كلغ للكيس الواحد على متن حمار، وبالضبط من منزل المدعو الحاج الجزائري محمّد، ولم أكن أعلم أنّ بداخلها منشورات توعوية تندّد بالاستعمار والحالة المزرية التي يعيشها الشعب الجزائري، إلا بعد شهر تقريبا حين كلمني محمد الطيب ليعلمني بحقيقة أنّها مقالات طبعت بالمغرب وتم توزيعها لتنوير الشعب.
وتوالت المهمات التي كلف بها الواسيني منذ سنة 1955، ومن بينها يقول «عملية إدخال 8 أسلحة و6 قنابل يدوية كانت داخل كيس، نقلتها على متن دراجة هوائية، بأمر من المدعو جليل محمد بن احمد الذي استدعاني إلى بيته وكان معه آنذاك مجموعة من المجندين في الجبل وعلى رأسهم المدعو كعو محمد الطيب ولد جناسنية ومختار عقب الليل، ومن ثم نقلتها بأمر منهم إلى المدعو السي مبروك بدشرة الكاف بنواحي مغنية».
وبمجرد ذكر تلك الحقيقة، أصرّ على التذكير بمشاركته في إدخال المجاهد البطل عبد الحفيظ بوصوف المعروف ب «السي مبروك» في جوان 1956 إلى وجدة ليخلفه الزعيم الراحل هواري بومدين على رأس الولاية الخامسة بعدما كان مراقبا خاصا بالمناطق قبل مؤتمر الصومام وبعدها نائب قائد الولاية الخامسة.
أعرف الكثير من الحقائق المعلوم منها والمجهول
وقال الواسيني: إنّ خير ما اختتم به كلامي في هذا الموضوع هو كلام المرحوم بن بلّة وهو يقول لي أنت ولدي وأنت الصديق الأول وأنا حقا من تلاميذ بن بلة ومحمّد خيضر وأعرف الكثير عن زعماء الولاية الخامسة، مردفا: «ذاكرتي لا تزال قويّة وبإمكاني المساهمة في إثراء الذاكرة الوطنية حول تاريخ المنطقة، وكشف الكثير من الحقائق المعلوم منها والمجهول خلال فترة نضالي وما قبله من تاريخ الحركة الوطنية، وأنقلها على لسان زعماء عايشوها.»
وبعدها تطرّق إلى عديد المعطيات الهامّة، ومنها المؤتمر الذي شارك فيه أحمد بن بلة على مستوى منزل محمد بلوزداد في بلكور في الجزائر في عام 1947، والذي أسفر عن إنشاء منظمة شبه عسكرية سرية سميت ب «الخاصة» برئاسة محمد بلوزداد، حيث قرّر المجتمعون الشروع في الكفاح المسلح، حسبما نقله محدّثنا على لسان أحمد بن بلّة والذي أكّد له حسبه دائما أنهم لم يكونوا محضرين لاندلاع الثورة في شهر نوفمبر بالذات.
وقال نقلا عن نفس المصدر خلال الاجتماعات التي كان يقيمها بمنزله بعد خروجه من السجن، أنهم قاموا خلالها بتعيين مصطفى بن بولعيد رفقة 15 من المرافقين وهناك من قال 26 فردا لجلب السلاح من ليبيا، ويقول الأب الروحي للثورة هو محمد بلوزداد الذي دعاهم إلى جمع الأموال لشراء السلاح والقيام بثورة ضد فرنسا.
ونقل عن بن بلّة أنه وبعد 3 أشهر من ذلك التاريخ دخل السلاح للجزائر ووضعوا جزءا منه في الأوراس وحوّل الجزء التابع للولايتين الرابعة والخامسة إلى مدينة الشلف ولا يزال مكانه مجهولا في أحد المخازن السرية بباطن الأرض إلى يومنا هذا، بعدما قتل العدو المجاهدين الاثنين اللذين كلّفا بالعملية.

--

الولاية الخامسة التاريخية أكبر مناطق العبور
الولاية الخامسة التاريخية أكبر مناطق العبور

 

Partager cet article
Repost0
Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article